اكتوبر 1917: انقلاب أم ثورة اجتماعية

 


خرافة انقلاب دبرته أقلية
خرافة اليوتوبيا المميتة: الاشتراكية فورا
خرافة حزب- فئة مغلقة من المتعصبين
 

الفصل الاول من كراس ماندل

تجري حاليا حملة تحقير حقيقية لثورة اكتوبر 1917 ، في الشرق و في الغرب على السواء. وغالبا ما تكتسي نبرات حاقدة . وتتأسس على تزويرات للتاريخ وخرافات لا تفوقها في شيء تزييفات الستالينية وخرافاتها. ليست المعركة ضرورية من وجهة نظر علمية وسياسية وحسب. يتعلق الأمر بعمل سلامة فكرية لا غنى عنه. فالمعركة من اجل الحقيقة تمثل أيضا معركة من اجل حد أدنى من اللياقة في الحياة العامة. تتعين، في هذا الفصل الأول، العودة إلى ثلاث من تلك الخرافات التي تُصادف بكثرة على مر الكتابات السجالية المعاصرة.

 

خرافة انقلاب دبرته أقلية

تتعلق أول خديعة بطبيعة ثورة أكتوبر ذاتها. فهي لم تكن، بحسب تلك الخرافة، سوى انقلابا جهنميا قاده زعيم بارع في المناورة، اسمه لينين، ونفذته فئة مغلقة صغيرة من الثوريين المحترفين. وان التعليقات التي تلت المحاولة الانقلابية الأخيرة في 26 أغسطس 1991، بموسكو، لبالغة الدلالة من وجهة النظر هذه. ولم يتردد البعض عن القول إن انقلابا ثانيا (فاشلا) قد أتاح، في 1991، إزالة ما خلقه انقلاب أول(ناجح) عام 1917. الحقيقة مغايرة تماما. فقد كانت ثورة أكتوبر ذروة إحدى اعمق الحركات الجماهيرية التي شهدها التاريخ على الإطلاق. ففي أوربا تلك الحقبة، كان لعصيان العمال الألمان عام 1920، ردا على انقلاب كاب فون لوتفيتز Kapp-von Luttwitz ، ولانتفاضة كاتالونيا في يوليو 1936، بوجه الاستيلاء العسكري-الفاشي لأنصار فرانكو على السلطة، أهمية مماثلة، لكن مع ذلك اقل حجما ومدة. لا تترك المصادر التاريخية أي شك بما يخص تمثيلية البلاشفة في أكتوبر 1917. ولا حاجة، بقصد الاقتناع بذلك، إلى العودة الى المقربين من لينين. فحجم الحركة الجماهيرية قبل ثورة أكتوبر وخلالها وبعدها أمر مثبت اليوم إثباتا أكيدا. نكتفي بالإشارة إلى بعض من الشهادات الكثيرة الصادرة عن خصوم للبلشفية. كان ن. ن. سوخانوف منتميا للتيار الاشتراكي الثوري، ومع ذلك يؤكد: « … كان البلاشفة يعملون بصلابة وبلا هوادة. وكانوا مع الجماهير في المشاغل، طيلة النهار، وكان عشرات الخطباء، صغارا وكبارا، يتحركون في بيتروغراد، في المصانع وفي الثكنات، كل يوم. كانوا قد اصبحوا بنظر الجماهير عنصر جماعتها، لانهم كانوا دائمي الحضور مبادرين في التفاصيل كما في اهم شؤون المنشاة او الثكنة العسكرية. اصبحوا الأمل الوحيد لانهم كانوا، وهم يشكلون كلا واحدا مع الجماهير، أسخياء بالوعود والحكايات الخارقة الجذابة رغم بساطتها. كانت الجماهير تعيش وتتنفس في انسجام مع البلاشفة. لقد كانت بين أيدي حزب لينين وتروتسكي. » « كان عبثيا بجلاء الحديث عن مؤامرة عسكرية بدل انتفاضة وطنية، بينما كانت غالبية الشعب تتبع الحزب، وبينما هو ظفر عمليا بالسلطة الحقيقية وبالنفوذ » ومن جهته يشير المؤرخ الالماني Osckar Anweiler ،المعروف بنقده الحاد للشيوعيين: « كان البلاشفة أغلبية في مجالس المندوبين في كافة كبريات المراكز الصناعية تقريبا، وكذا في اغلب مجالس مندوبي الجنود في مدن الحاميات » ولم يستطع مارك فيرو Marc Ferro، ذلك المنتقد الشرس الآخر للبلاشفة، تجنب ملاحظة أن: « البلشفة كانت، في المقام الأول، نتاج تجذر الجماهير. وكانت على هذا النحو تعبيرا عن الإرادة الديمقراطية. […] يتمثل بما يكفي تفسير تجذر الجماهير في عدم فعالية السياسة الحكومية(حيث يشارك الاشتراكيون منذ مايو)، التي أقامت بين الطبقات الحاكمة والطبقات الشعبية، تحت غطاء الضرورة، إجراءات توفيق. ان التفاوض لا يغير الوضع القائم باي وجه بل يؤبده[…]. مذاك، برز الاستياء بالمدينة كما بالجيش. وكوفئ من كانوا ضد مبدأ تعاون الطبقات منذ بدايته، وضمنهم كان الأشد تصلبا أي البلاشفة، اتجاه لينين. كان العمال يطالبون بشروط حياة اقل لا إنسانية. وكان الرفض، الفظ او الماكر، من قبل المالكين، الذي ادى إلى احتلال المصانع، ومصادرة أرباب العمل، ثم، بعد أكتوبر، إلى الانتقام من البورجوازيين […]. تستند هذه الحركة على قاعدة شعبية أتينا على ذكر أشكالها التنظيمية. عندما تشارك اللجان التي تهيكلها في الحركة المفضية إلى أكتوبر، يكفي الخوف من القمع والاستياء من القادة الخونة لتفسير موقف مستبد[ !] أولي، لاصلة له بالاستبداد البلشفي، لكنه متضامن مع الحركة التي ينشطها. » ويرى دان، احد ابرز قادة المناشفة، عشية أكتوبر، أن الجماهير: « بدأت بتواتر متزايد التعبير عن استيائها و نفاذ صبرها عبر حركات مندفعة، وانتهت […] إلى التوجه صوب الشيوعية […]. وتعاقبت الإضرابات. وسعى العمال إلى الرد على ارتفاع كلفة المعيشة السريع برفع الأجور. لكن كل جهودهم فشلت بفعل التراجع المستمر لقيمة النقود الورقية. والقى الشيوعيون في صفوفهم شعار « الرقابة العمالية »، ونصحوهم بان يتسلموا أنفسهم إدارة المنشآت من أجل منع « أعمال تخريب » من قبل الرأسماليين. بالطرف الآخر ، بدأ الفلاحون الاستيلاء على الأراضي، وطرد الملاكين العقاريين وإحراق قصورهم خشية ان تفلت منهم الأملاك قبل دعوة الجمعية التأسيسية… » تحققت ثورة اكتوبر تحت شعار« كل السلطة للسوفييتات » أي لمجالس العمال، والجنود والفلاحين. يلخص المؤرخ Beryl Williams السيرورة التاريخية المفضية إلى أكتوبر كما يلي: « كانت الجماهير ترى في سلطة السوفييتات، وليس في برامج الأحزاب أو الجمعية التأسيسية، الحل لمشاكلها. ووحدهم البلاشفة كانوا ُمماَثلين فعلا مع هذه السلطة السوفييتية […] وكان حزبهم آنذاك قادرا على امتطاء الموجة الشعبية حتى الاستيلاء على السلطة »

نعيد إلى الأذهان ان أنصار « كل السلطة للسوفييتات » حصلوا في مؤتمر السوفييتات الثاني، على 69.6% من التفويضات. وكانت بمؤتمر مندوبي فلاحي عموم روسيا، المنعقد من 9 إلى 25 ديسمبر 1917، أغلبية طفيفة( اشتراكيون ثوريون يساريون وبلاشفة) مناصرة لسلطة السوفييتات. ويخلص المؤرخ Anweiler، متفحصا موقف الجماهير إزاء حل الحكومة السوفييتية للجمعية التأسيسية في يناير 1918 ، قائلا: « كان الاحتجاج نادرا في صفوف الشعب ضد إجراءات الإكراه التي يقوم بها البلاشفة، وطبعا لم يكن سبب ذلك الوحيد إرهاب فكري ومادي، مازال في تلك الحقبة "ناعما" نسبيا. فكون البلاشفة استبقوا إلى حد بعيد قرارات الجمعية التأسيسية، في أمور حيوية جدا من قبيل السلم والأرض، نزل بشكل لا يقل ثقلا في الميزان […] كانت جماهير العمال والفلاحين […] اكثر ميلا لتأييد الإجراءات الملموسة للأسياد الجدد […] . رغم ما يعتري السوفييتات من نقص، سواء في مجال التنظيم أو في الغالب مجال التمثيل، كانت الجماهير تعتبرها هيآتــ"ها" »

 

خرافة اليوتوبيا المميتة: الاشتراكية فورا

تتمثل ثاني خديعة وثاني تزييف للتاريخ في زعم ان البلاشفة قاموا بانقلابهم بقصد خلق مجتمع مثالي، فردوس على الارض، فورا او في الأمد القصير في روسيا. انهم "رفعوا اليوتوبيا إلى السلطة" حسب تعبير المؤرخ السوفياتي Alexandre Nekritch الذي عودنا ن مع ذلك على موضوعية اكثر في كتاباته السابقة. في الواقع كانت غاية استيلاء السوفييتات على السلطة هدفين ملموسين جدا ودقيقين: الوقف الفوري للحرب، وتوزيع الأراضي على الفلاحين، وتأمين حق تقرير المصير للقوميات المضطهدة، وتفادي سحق بيتروغراد الحمراء ، الذي أراد كيرنسكي تسليمها للجيش الألماني، ووقف تخريب البورجوازية للاقتصاد، واقامة الرقابة العمالية على الإنتاج، ومنع انتصار الثورة المضادة. يمكن تأليف هذه الأهداف بالصيغة الماركسية الكلاسيكية: استكمال تحقيق المهام التاريخية للثورة الديمقراطية –(الوطنية)-البورجوازية بفضل إرساء ديكتاتورية البروليتاريا، أي تدمير الدولة، وفي المقام الأول جهاز الدولة البورجوازي . طبعا شهدت الثورة تحولا سريعا نحو تحقيق مهام اشتراكية. لكن ليس لان البلاشفة طوباويون. بل لأن الجماهير العمالية رفضت كل حصر ذاتي لتحررها، وفق ما توقع تروتسكي منذ 1906. فهي اذ تدرك انها السيد في الدولة وفي الشارع، لم تكن مستعدة للبقاء خاضعة في المنشآت والإذعان للاستغلال على الدوام. تكاثرت مبادرات الرقابة العمالية في المنشآت بعفوية، عشية وغداة ثورة اكتوبر. كما أفضت، بشكل شبه آلي، إلى الاستيلاء على مصانع ومصادرتها، لما أقدم رجال الصناعة على إجراءات تسريح كثيفة، وحتى اغلاقات. لم يكن البلاشفة يأملون تحقيق"يوتوبيا"، أي الاشتراكية فورا في روسيا وحدها. فقد كانوا في الواقع يرفضون بإجماع هكذا فكرة. لم يكتم ابدا لينين عن جماهير روسيا أن الوظيفة التاريخية للاستيلاء على السلطة في روسيا ، متمثلة، بنظره، في تشجيع الثورة العالمية، وفي المقام الأول الثورة الألمانية( بالإفادة من كون ميزان القوى في صالح البروليتاريا بروسيا، اكثر مما هو في أي بلد آخر بالعالم). أكد Julius Branthal ما تكتسيه هذه المسألة من أهمية بنظر لينين: « "ان كل مستقبل الثورة العمالية العالمية موضوع في الرهان". تتكرر هذه الحجة عمليا في كل المقالات والرسائل التي يحفز فيها لينين اللجنة المركزية، في خريف 1917، على الانتقال إلى الفعل . ويعيد:" لم يعد ممكنا الشك في تنامي نضج الثورة الاشتراكية العالمية وطابعها المحتم […] اننا على عتبة الثورة العالمية. سنكون خونة حقيقيين للأممية اذا لم نستجب، في لحظة مماثلة، وفي شروط مناسبة لهذه الدرجة، لنداء الثورة الألمانية ( مثلا نداء بحارة البحرية الحربية الألمانية) بقرارات فقط ». بطبيعة الحال، يجب الا يستنتج مما سلف ان توجها نحو الاشتراكية لم يكن أساسيا في الدعاوة البلشفية، وانها لم تأثر، وإن على نحو هامشي، على ما اتخذوه من إجراءات ملموسة. بالنسبة للينين والبلاشفة في تلك اللحظة ، كانت « سلطة السوفييتات » و« السلطة العمالية » ( او العمالية-الفلاحية) مرادفا عمليا لتوجه اشتراكي. لكن لينين لم يكف عن التأكيد ان ذلك يعني امكان، ووجوب، السير قدما على هذا الطريق ، لا غير. كان لينين يدرك استحالة مجتمع اشتراكي مكتمل التطور (بالمعنى التقليدي، الماركسي، للكلمة: مجتمع بلا طبقات) ما دامت الثورة العالمية لم تنتصر. وكرر ذلك، في يناير 1918، أمام مؤتمر السوفييتات الثالث: « ليس لدي أي وهم: اعلم اننا دخلنا فترة انتقال إلى الاشتراكية ليس إلا، واننا لم نبلغ بعد الاشتراكية[…] اانا بعيدون حتى عن انهاء فترة الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية. لم ننخدع أبدا بأمل إنهائها دون عون البروليتاريا العالمية »

 

خرافة حزب- فئة مغلقة من المتعصبين

ثالث خديعة وثالث تزييف للتاريخ: الزعم ان انقلاب اكتوبر 1917 مقترف من قبل فئة مغلقة صغيرة من الثوريين المحترفين، بالغة المركزة ومتزمتة يتلاعب بها لينين المتلهف إلى السلطة، وحتى إلى السلطة المطلقة. في الواقع، كان الحزب البلشفي قد اصبح، خلال الأشهر من فبراير إلى أكتوبر 1917، حزبا جماهيريا يجمع الطليعة الفعلية لبروليتاريا روسيا: القادة الطبيعيون للطبقة، المعترف لهم بتلك الصفة من قبلها. وكان عدد الثوريين المحترفين (المتفرغين) في صفوفه محدودا جدا. كان هذا الحزب اقل الأحزاب الجماهيرية بيروقراطية من بين الأحزاب الجماهيرية التي شهدها التاريخ. فقد كان يضم بالكاد 700 متفرغ ضمن اكثر من 000 250 إلى 000 300 عضو. علاوة على انه يشتغل بكيفية ديمقراطية للغاية: كانت النقاشات والخلافات في الرأي عديدة ومعبر عنها، بوجه عام، على الملأ. لم تقتصر حرية التعبير هذه على بعض القادة، الذين عبروا على الملأ، بصفتهم اقلية ( مثل بوخارين و"شيوعيو اليسار" ) حتى في جرائد يومية على حدة. بل شملت هيآت حزبية بكاملها. هكذا بعث لجنة الحزب في فيبورغ في 1917 محرضيها الخاصين إلى أسطول بحر البلطيق، بقصد معارضة حجج لجنة بيتروغراد المعتبرة متسامحة اكثر من اللزوم مع الحكومة المؤقتة. وقد تواجه على الملأ تياران بلشفيان خلال مؤتمرات لجان المصانع قبل ثورة اكتوبر. كان الأول ممثلا بميليوتين ولارين، المدعومين من ريازانوف ولوزوفسكي وشلايابنيكوف. وكان يسعى إلى تأليف الرقابة العمالية مع مطلب التخطيط المركزي. والثاني ممثلا بسريبنيك وتشوبار يلح بوجه خاص على المبادرة اللاممركزة بالقاعدة. وظل هذا التقليد حيا. وله آثار حتى في عام 1921 ، بالمؤتمر العاشر للحزب الشيوعي، بينما استعرت المعركة من اجل منع التكتلات في الحزب الشيوعي(سنأتي لاحقا على هذا المؤتمر). هاجم لينين بحدة ، خلال النقاش، كيسليف،المندوب الذي انتقد بعض السلط التأديبية الاستثنائية للجنة المركزية وكانت كلماته السجالية قد تجاوزت بجلاء حدود فكره، فلم يتردد من القيام فورا بنقد ذاتي: « ايها الرفاق، أتأسف كثيرا لكوني استعملت لفظ " رشاش" [ضد كيسليف]، واعدكم الا استعمل مستقبلا هكذا تعابير مجازية، لانها ترعب الناس دون جدوى وبعد ذلك تجعل ردود فعلهم غير قابلة للفهم(تصفيق). ما من أحد ينوي إطلاق نار رشاش على أي كان ، ونحن على يقين مطلق أن لا الرفيق كيسليف ، ولا أي آخر، سيكون عليه ان يفعل ذلك » كان الحزب البلشفي آنذاك حزبا مندمجا، حتى أعلى مستوى، في المجتمع الروسي وفي قواه الحية. ذلك ما أعاد التذكير به،عشر سنوات بعد الثورة، بوجه صعود التكتل الستاليني، اول برنامج للمعارضة اليسارية، بصيغة مدهشة: « [كان] الحزب جماعة مستقلة وحية تدرك بنباهة الواقع المتغير، لانه كان مرتبطا به بألف منوال. » إن لم تكن ثورة أكتوبر مجرد انقلاب، فهي لم تكن أيضا مجرد خاتمة عصيان جماهيري عفوي. فقد كانت أيضا انتفاضة معدة ومنفذة بمنهجية من طرف البلاشفة وحلفائهم أنصار سلطة المجالس العمالية: الفوضويون والاشتراكيون الثوريون اليساريون. لا يتعلق الامر بانتفاضة سرية قامت بها اقلية. انها انتفاضة منظمة في واضحة النهار ، بشكل أساسي في اطار مؤسسات منبثقة عن السوفييتات. لقد كانت نتيجة شرعية جديدة فرضت نفسها على السواد الأعظم من العمال والجنود، و على قسم هام من الفلاحين بعد ذلك بفترة وجيزة. كانت شرعية السوفييتات ومجالس المصانع تتقدم شرعية الحكومة المؤقتة، وهيئة الأركان العسكرية، وأرباب العمل والملاكين العقاريين. هكذا كان العمال، في المنشآت، يعترفون اكثر فاكثر بسلطة لجان المصانع، بدلا عن سلطة ارباب العمل. في بيتروغراد، بفضل التحريض والتنظيم الذين اشرف عليهما تروتسكي بمهارة، قررت كل فيالق الحامية في اجتماعات عامة على الملأ عدم الاعتراف بالأوامر الصادرة عن هيأة الأركان والتراتب العسكري ، والامتثال لتلك الصادرة عن السوفييت ولجنته العسكرية الثورية. في هذه الشروط أمكن تحقيق الإطاحة "التقنية" بالحكومة المؤقتة، يوم 25 اكتوبر 1917، بإراقة القليل جدا من الدماء: كلفت من القتلى اقل مما يموت اعتياديا بحوادث السير في نهاية أسبوع عادي في بلدان أوربا الرئيسية. *** باختصار، ماذا مثلت إذن ثورة أكتوبر ؟ انها ذروة حركة جماهيرية عظيمة، قادها نحو استلام السلطة حزب عمالي طليعي وثيق الارتباط بالجماهير. حزب يسعى ، قبل كل شيء، إلى تحقيق مطالب السكان الآنية الأكثر إلحاحا ، مع استهداف مرام اشتراكية عالمية ووطنية أوسع .